في الكورة : الدوري السعودي.. الطريق المختصر للحصول على النجوم مجانًا

في فترة قصيرة نسبيًا، تحوّل الدوري السعودي من سوق صاعدة تجذب النجوم إلى مصدر للصفقات الزهيدة لأندية أوروبا، رغم أن تلك الصفقات كانت تُصنَّف من الأغلى عالميًا قبل شهور قليلة فقط.

قصة المهاجم الكولومبي جون دوران تلخص هذه الظاهرة؛ حيث ضمه النصر من أستون فيلا في يناير 2025 مقابل ما يقرب من 77 مليون يورو، كواحدة من أكبر ثلاث صفقات في العالم آنذاك، لكنه الآن على وشك الرحيل إلى فنربخشة التركي مقابل مبلغ يقل عن 10 مليون يورو فقط.

خسارة مالية ضخمة في غضون 6 أشهر فقط، دون تحقيق الإضافة المرجوة لا فنيًا ولا اقتصاديًا. هذه الصفقة أثارت الجدل حول طريقة التقييم والاستثمار في سوق اللاعبين بالدوري السعودي.

من الأغلى عالميًا إلى البيع بخسارة

وبنظرة أوسع، يتبين أن دوران ليس استثناءً. فالنجم البرازيلي نيمار دا سيلفا، الذي انضم للهلال في صفقة قُدّرت بنحو 90 مليون يورو، رحل مجانًا بفسخ عقد بعد موسم ونصف لم يشارك خلالها سوى في في 7 مباريات رسمية.

نيمار لم يقدّم الإضافة المرجوة، وتحوّل إلى عبء مالي بسبب إصاباته المتكررة، ورغم ذلك وقّع مع سانتوس البرازيلي دون أي مقابل مالي للهلال، بل أن الهلال دفع تعويضًا لإنهاء العلاقة.

خـــــــــاص 🚨

مصدر من النصر لـ365scores يؤكد أن كريستيانو رونالدو طلب من إدارة النصر التعاقد مع 3 لاعبين أجانب في الدفاع والهجوم والوسط 🧐

النصر بدأ مفاوضاته مع مدافع أجنبي بديلًا للابورت، ولاعب وسط لخلافة بروزوفيتش ومهاجم آخر تحسبًا لرحيل جون دوران ✅#النصر #دوري_روشن… pic.twitter.com/VGeGD0ib1R

— 365Scores Arabic (@365scoresarabic) June 26, 2025

الحالة الثالثة اللافتة كانت جابري فيجا، اللاعب الإسباني الذي خطف الأنظار في سيلتا فيجو، وكان اسمه مرتبطًا بالانتقال إلى ريال مدريد أو نابولي، لكنه اختار الأهلي السعودي في صيف 2023.

تُقدّر صفقة فيجا حينها بما بين 30 و40 مليون يورو، لكن الأهلي قرر بيعه هذا الصيف إلى بورتو البرتغالي مقابل 15 مليون يورو فقط، رغم أن اللاعب لا يزال في سن الـ23.

لماذا تفقد الصفقات قيمتها بعد الانضمام إلى الدوري السعودي؟

الخسائر تتكرر، لكن المثير للانتباه أن الأندية الأوروبية تجد في السوق السعودية فرصة للحصول على مواهب ونجوم بأسعار منخفضة، بينما كانت قبل عام واحد فقط مستعدة لدفع أضعاف هذه الأرقام لو أن اللاعب لم يغادر أوروبا.

جون دوران كان في طريقه للانفجار في البريميرليج، ونيمار كان أحد أبرز نجوم العالم، وفيجا أحد أفضل مواهب الليجا، لكن مجرد انتقالهم إلى الدوري السعودي قلّل من قيمتهم السوقية فجأة.

فهل المشكلة في أداء هؤلاء اللاعبين؟ أم في نظرة السوق الأوروبية للدوري السعودي رغم الاستثمارات الضخمة؟ أم أن الأندية السعودية لا تملك النفس الطويل لصناعة القيمة والاستثمار طويل الأمد؟

لمسات نيمار في أول ظهور مع #الهلال.. صناعة وتيكي تاكا 🔥🇧🇷#SSC pic.twitter.com/lgUhlwoJ1y

— SSC (@ssc_sports) September 15, 2023

المؤشرات تدل على أن الفجوة تكمن في غياب التخطيط طويل المدى. التعاقدات تتم بشكل فردي، وغالبًا دون رؤية اقتصادية، ما يجعل أي إخفاق فني سببًا لخسارة استثمار مالي ضخم.

الأندية السعودية تواجه أيضًا مشكلة في إعادة بيع اللاعبين، حيث لا توجد سوق حقيقية داخلية تنافسية لشراء النجوم، ما يجعل الملاذ الوحيد هو أوروبا، التي تفرض شروطها نظرًا لضعف موقف الأندية السعودية التفاوضي.

الاختلاف الجذري يكمن في أن اللاعب إذا استمر في أوروبا، تزداد قيمته حتى لو لعب في نادٍ متوسط، بينما في السعودية، ينخفض تقييمه بشكل حاد بسبب ضعف التنافس المحلي وقلة المتابعة الإعلامية الأوروبية.

على سبيل المثال، لو أن جابري فيجا انتقل إلى نابولي أو لايبزيج بدلًا من الأهلي، لربما وصلت قيمته السوقية اليوم إلى 60 أو 70 مليون يورو، بينما هو الآن إلى بورتو بنصف القيمة التي دُفعت فيه.

الدوري السعودي كسب نجومية إعلامية بفضل التعاقدات الضخمة، لكن خسر الكثير من المال دون عوائد حقيقية، وهو ما يضع الأندية أمام ضرورة إعادة النظر في طريقة إدارة الصفقات.

هل يمكن للدوري السعودي تصحيح المسار؟

هناك أمل في تحسين الوضع إذا تم تبني استراتيجية تقوم على جذب النجوم في مراحل مبكرة من مسيرتهم، مع توفير بيئة فنية وتنافسية تجعلهم يحافظون على قيمتهم.

الربط مع أكاديميات أوروبية واستقطاب لاعبين بتخطيط رياضي واقتصادي مشترك قد يقلل من فجوة التقييم، ويجعل اللاعب السعودي أو الأجنبي في الدوري السعودي محط أنظار العالم بشكل مختلف.

الاستثمار في المواهب مثل أوناي هيرنانديز الذي انضم إلى الاتحاد قادمًا من برشلونة في الميركاتو الشتوي الماضي، وإعطاؤهم دقائق لعب منتظمة في بيئة احترافية، كفيل بتغيير الصورة الذهنية عن الدوري السعودي بدلًا من الاعتماد فقط على أسماء لامعة لا تقدم مردودًا.